السؤال: فضيلة الشيخ! مع ضخامة التحديات ضد الإسلام عموماً والمرأة خصوصاً, وتنوع الأساليب والمخططات, ما رأيكم في فتح قنوات جديدة لمواجهة دفاعية ضد هذه الحملات؟ وما هي الضوابط التي ترونها؛ خصوصاً وأن من يقود زمامها هن من النساء الصالحات فقط؟
الجواب: فتح قنوات أو فتح مجالات هو مما لا بد منه, ولن يعجزنا الله تبارك وتعالى, والله تعالى أعطانا عقولاً؛ بل نحن والحمد الله نعمل بعقولنا كاملة؛ فالمؤمن -ذكراً أو أنثى- يعمل بكل الطاقة العقلية, بخلاف الفاجر أو الفاسق الذي يبددها في اللهو واللعب والسهر أو في المخدرات أو في شرب الخمر أو ما أشبه ذلك.
فالمؤمن يعمل بطاقته العقلية، ويعمل بنور الوحي، فلا يمكن لمن يعمل بهذه الطاقة المتكاملة وبنور الوحي المبين؛ أن يغلبه الآخرون على الأقل في التخطيط أو في التفكير!! ومشكلتنا نحن أحياناً -كما قلت قبل قليل- السؤال الخطأ أو المدخل الخطأ في القضية، مثل أن يقال لك: إذا كنت لا تمتلك التكنولوجيا فلن تملك أن تقاوم الغرب، إذاً ستسلم! وهذه أكبر خطأ في التعامل.
نحن نقول: إننا نملك من قوى التأثير ما لا يملكه الغرب على الإطلاق، وعندنا من قوة التأثير مثل هذا الملتقى المبارك والحمد الله, والأعمال المتفرعة عنه وعن أمثاله لو تلاحم المجتمع فيها.
عندما قامت الثورة الثقافية في الصين وفي روسيا وأرادوا فرض الشيوعية فرضاً بالقوة على الناس بدون طبعاً دراسات؛ لكن أثبتت الدراسات أن أكثر من يستعصي على الثورة هي المناطق التي فيها مسلمون، فطلب ماوتفيتون و استالين معرفة سبب ذلك، فدرسوا فوجدوا الظاهرة التي لا ننتبه لها -وهي الكنوز العظيمة التي عندنا؛ لكن نحن لا نكاد ننتبه لها- قالوا: إن المسلمين يحضرون دروس الثورة، والتي تبث في الإذاعة ساعة بعد المغرب أو ساعتين -وطبعاً لم تكن الوسائل في تلك الأيام إلا الإذاعة والصحافة والثقافة الشعبية كما يسمونها- فالفلاحون المسلمون بعد غروب الشمس بساعة أو ساعة ونصف يجلسون ليسمعوا درساً كل يوم, لكن الظاهرة التي بسببها لم يتأثر المسلمون بـالشيوعية:
أنهم يجتمعون خمس مرات في اليوم ويتثقفوا بثقافة أخرى، فقال لهم ماو: هل من المعقول أن يوجد أناس يجتمعون خمس مرات في يوم واحد. فقالوا: نعم، هذا معقول.
بل لو أن عندك شركة هل تستطيع أن تجمع الموظفين خمس مرات في اليوم؟! هذا مستحيل طبعاً، بل إن جمعهم خمس مرات في الأسبوع صعب أيضاً؛ لكن في الإسلام يجتمع المسلمون في اليوم الواحد خمس مرات.
ومن هنا نبدأ؛ أعني بذلك: أن ننطلق من المسجد ومن إحياء رسالة المسجد وأهمية المسجد, ثم المسجد يكون منطلقاً للعلاقات، ثم بعد ذلك تمتد هذه العلاقات لتشمل المجتمع كله، وكلمة حق تقذف بها على ألف طن من أقوال الباطل تدمغه بإذن الله تبارك وتعالى.
وكما ذكرت الأخت السائلة أن يقوم بزمام هذه الأمور هن النساء الصالحات فقط، كلمة (الصالحات) هذه أرجو أن نضع خطوطاً تحتها؛ لأننا عندما نكون في موقع التربية الإيمانية فنحن نشترط أو نهدف إلى تربية المرأة الصالحة أو الشاب الصالح المستقيم كما أمر الله؛ لكن عندما نكون في حال المدافعة فنحن نجيش حتى هذا الشاب أو تلك الشابة ونجعلهما في واجهة العدو، وكثير من الناس نساء أو رجالاً لا يهتدي أصلاً ولا يرجع للدين إلا لما يعلم أنه في معركة مع الشر، الخطأ الكبير الذي نقترفه أحياناً أننا نصنفه على أنه من الشر، ونبدأ نتعارك معه على أنه في فئة الشر شاء أم أبى، وهنا نخسر الكثير ونجد أنفسنا آحاداً.
لا شك أن في مجتمعنا الآن -والحمد لله- أن الزنا والرذائل الأخرى المتعلقة به منبوذة، ولو ظاهراً عند كل الناس والحمد الله، إذاً هل استطعنا أن نستفيد من هذه الميزة العظيمة؟ أي: الاجتماع المطلق المطبق على أن هذه الفاحشة حرام، ويجب أن نقاومها, ما أثره في واقعنا مع الأسف الشديد؟ تنتشر مظاهر الفساد والتعري والقيمة موجودة؛ ولا تزال حتى عند من تكشف حجابها, أو عند من تذهب إلى محلات الأزياء التي تبيع الملابس الغربية، فهذه القيمة إن شاء الله لا تزال موجودة، والمفروض أن تكون هذه القيمة باعثاً على الالتزام الأكثر، وأن يوجد روابط أن كل من يلتزم بهذه القيمة فهو في صف الإيمان ويقاوم أهل الشر والفساد، ومن هنا نستطيع أن نغير وجه المعركة؛ إذا نحن نقلنا أولئك إلى الصف الآخر على ما فيهم, فكلنا مذنبون, وكلنا فينا عيوب، وكلنا لنا أخطاء؛ بحيث تصبح الكلمة النافعة والموقف الجيد ولو جاء ممن فيه شيء من الفسق أو الفجور, يوظف لصالحنا، ونحاول ألا نصنف القائل الذي أخطأ في أقوال له بأنه ليبرالي أو علماني أو متحلل أو ما أشبه ذلك، بقدر ما نصنفه ومن خلال أقواله الطيبة على ما يمكن أن يكون في صف أهل الفضيلة وفي صف أهل الإيمان، هذا من التخطيط الاستراتيجي المحكم للمعركة, أرجو أن يكون في هذه الإشارة كفاية.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع